Questions/Comments

Please direct all questions, comments and concerns to Nishra_Kooma@Yahoo.com

Saturday, May 10, 2008

صرخة صحفية عراقية





شميرام بغدادي

قرأت اليوم وفي نشرات وسائل الأعلام العاملة في العراق خبرا مفاده ( مقتل صحفية في الموصل) أو (مسلحون يغتالون صحفية عراقية في الموصل ) ولمعرفة من هي تلك الصحفية كان علي البحث في تفاصيل الأخبار وقراءة الخبر المؤلف من أكثر من عشرة سطور لاكتشف في وسط الخبر إن من قتلت هي زميلة عزيزة علي تدعى (سروة عبد الوهاب ).

مشاعر مختلطة من الألم والحزن والاستياء والقلق شعرت بها.

قبل كل شيء أريد الاعتذار لكل أساتذتي الذين علموني إن من شروط الصحفي الناجح إن يتمتع بالحيادية والدقة في نقل الخبر , وهنا عليه أن لا يظهر صوته في نقل الخبر , وانه لا يعبر عن رأيه أو يسمح لمشاعره الظهور , لكنني هنا سأخرج عن كل ما تعلمته من قتل مشاعري في نقل الإحداث لأنني وببساطة لا اكتب تقريرا أو قصة خبرية أو انقل حدثا بل أسجل صرخة , صرخة بان يتم التعامل معنا كأرقام وان يذكر في نهاية الخبر كم عدد المقتولين من الصحفيين العاملين في العراق منذ سقوط نظام صدام في 2003 , وكم منهم قتل هذا العام.

شعرت بالألم لمقتل تلك الانسانة الرائعة والتي اليوم سأخرج من الإطار الصحفي لأقول من هي سروة ذات أل 35 عاما ,سروة كانت تعج بالنشاط والحيوية والمحبة, وكانت سروة تحاول التمتع بكل لحظة تسمح لها بذلك , وكانت تدندن بأغاني طربية وبصوت مسموع أن لم يكن عالي في بعض الأحيان ,وكانت ككل فتاة تطمح في الزواج والاستقرار وتشكيل عائلة لكن الإرهابيين لم يمنحوها فرصة ذلك .

أذن سروة ليست رقما جديدا يضاف لعدد الصحفيين المقتولين في العراق وليست صحفية عراقية تعمل في الموصل .

وشعرت بالاستياء لأنها كانت مجرد صحفية عراقية تعمل في الموصل ,فقبل عام تقريبا قتلت احدى صديقاتي المقربات جدا وكانت تعمل في الموصل , وتغطية وسائل الأعلام كانت تفيد ب( مقتل صحفية في الموصل ) و(مسلحون يغتالون صحفية في الموصل ), فهل من المعقول إن من قتل هي صحفية عراقية فقط !و تعمل في الموصل , وهي مجهولة الهوية , وان على القارى أو المتبع للإحداث إن يتعمق في قراءة الخبر ليدرك إن الصحفية المقتولة هي فلأنة بنت فلان . فالتي قتلت قبل عام هي سحر الحيدري وتحديدا في السابع من حزيران ,والتي قتلت اليوم هي سروة عبد الوهاب , وكلتاهما بالنسبة لوسائل الأعلام مجرد (صحفية عراقية في الموصل).

لكنني اصرخ بأعلى صوتي وأقول (لا ) هما ليستا أرقام جديدة تضاف لأرقام الصحفيين المقتولين في العراق, فسحر امرأة عراقية وزوجة وأم لأربعة بنات كانت تحلم بيوم زواجهم , كانت تعمل جاهدة لتوفير حياة جيدة لبناتها وتوفير الدواء لابنتها ذات الأعوام التسعة والمصابة بسرطان الدم , وسروة امراة عراقية أيضا و محامية وابنة وناشطة في حقوق النساء وعاملة في مكتب لجنة الانتخابات وصحفية , وعندما قتلت صباح اليوم كانت تقوم بواجبها كابنة بارة حيث كانت تقل أمها إلى الطبيب قبل أن يقرر الإرهابيين نقلها إلى العالم الأخر , وهنا اعتذر ثانية لأساتذتي لأنني وصفت من قتلو سروة ب (الإرهابيين ) وليس ب (المسلحين ).

هناك قطعا ما يجمع سحر وسروة , فكلتاهما من أبناء الموصل , وكلتاهما تحدتا الجماعات الإسلامية المتطرفة بالخروج للعمل ودون التقييد باللباس الإسلامي المفروض , والاهم كلتاهما كانتا في قائمة هدر دم أصدرت من قبل جماعة إسلامية في 2007 وضمت عدد من الصحفيين العاملين في الموصل وألصقت على جدران عدد من المساجد أو أرسلت لبيوت عدد منهم , وقتل معظم من أدرج اسمه فيها إلا قليلين باتو ينتظرون دورهم ألان.وسروة وسحر لم يمنحا فرصة التمتع بالحياة والفرح بتحقيق ما يحلمون به من أماني صغيرة ، والاثنتان أغرقتا عيوني بدموعي العصية لفراقهم .

كما اشعر بالقلق حيال أصدقائي الصحفيين والذين اعرف أنهم مهددين لكن لأخيار لديهم سوى الاستمرار بالعمل والبقاء في العراق.

وهنا أدركت إن هروبي للنفاذ بجلدي لم يقيني قطعا من مشاعر كنت أحاول التخلص منها , حيث بمقتل احد أصدقائي يقتل جزء مني و أدرك إن جسدي هنا لكن مشاعري وأحاسيسي معهم , وأنني أتعذب هنا أكثر من تواجدي في بلدي ,حيث يغمرني شعور بتأنيب الضمير لكوني بعيدة وغير موجودة لمواساة الأحياء منهم والذين ينتظرون دورهم في طابور الموت.

وأعود لأقول إن من قتلت صباح الأحد الرابع من أيار 2008 هي سروة عبد الوهاب وليست صحفية عراقية من الموصل فقط .

وان من قتلت في السابع من حزيران 2007 هي سحر الحيدري وليست صحفية عراقية من الموصل فقط.

No comments: