Questions/Comments

Please direct all questions, comments and concerns to Nishra_Kooma@Yahoo.com

Friday, June 27, 2008

مفهوم الحركة - زوعا في تقوية بناء ركائز الأمة

 بقلم : هرمز طيرو

واجه شعبنا خلال وبعد الحرب العالمية الأولى ومذابح سميل عام 1933 والحرب الثانية تحديات خطيرة وأحداث تاريخية كان لها الدور الكبير في حتمية ظهور " حركة تاريخية " بين صفوف شعبنا وأمتنا كونها جواباً منطقياً لنضوج الوعي القومي والوطني من جهة ومواكبة حركة التاريخ المتقدمة الى الأمام دائماً من جهة أخرى ، ولم يكن ظهور الحركة الديمقراطية الأشورية في الساحتين القومية والوطنية وبين الجماهير من الطلبة والمثقفين والفلاحين والعمال إلا تعبيراً صادقاً لهذه الحتمية وإنتقال بها الى صيغة الأفكار الثورية المعّبرة عن روح الأمة الحي ، عليه فأن سر قوة الحركة - زوعا كان ولا يزال هو في :

1 - النظرة التكاملية والواقعية للأحداث واعتبارهما من المرتكزات الأساسية لإعادة بناء الأمة .
2 - الطرح المنهجي لمسألة العلاقة العضوية التي تربط بين النضال الوطني العراقي بالنضال
القومي الكلدوأشوري السرياني بوصفها رافداً من روافدها .
3 - تجاوز الطروحات التقليدية المحافظة ( الطوباوية - الأصلاحية - اللاهوتية ) والمتوارثة لحل الإشكاليات أو المعطيات التي تفرزها الأوضاع الأنية والمصطنعة المفروضة على الأمة ، وأيجاد البديل الثوري التي تتغير فيه الحالة الأجتماعية والسياسية والثقافية والأخلاقية للفرد وصولاً للمجتمع الذي يتحقق فيه المعنى المصيري للنضال على أساس مبدئي ووجودي .

وهكذا فإن ظهور الحركة الديمقراطية الأشورية بين أبناء شعبنا وأمتنا في نهايات العقد السابع من القرن العشرين المنصرم له اهمية تاريخية ذات ابعاد أستراتيجية ، لأنه لم يكن إضافة كمية لمجموعة الأحزاب أو التنظيمات التي كانت تمارس التقليدية في عملها السياسي والتنظيمي ، بل لقد كانت الحركة - زوعا انعطافاً ثورياً وحاسماً في عقل وفكر الأنسان الكلدوأشوري السرياني والتي تبلور في :

اولاً : بناء القاعدة الثقافية للفكر القومي المستقل الذي ينمو من الذات الحرة .
ثانياً : انهاء الاقطاعية العشائرية والمذهبية المنغلقة والمتناحرة فيما بينها في ثقافتنا اليومية ، لأنها تقيد حركة المجتمع في تطوره الحتمي .

ثالثاً : ثقة الأمة بنفسها وبمستقبلها وأعتمادها على قواها الذاتية .

ومن هنا يتضح بأن الحركة الديمقراطية الأشورية تمارس دوراً ريادياً في النضال من أجل التنوير الأجتماعي والسياسي ، والتثقيف بمبدأ ( إن الذي يريد أن يكون في طليعة هذه الأمة ، أن لا ينشد أية مساعدة خارجة عن نفسه أو عن ذات الأمة ) لأن الحركة - زوعا قد حدّدت منذ نشأتها بأنه إذا وثق الفرد بنفسه ومن ثم إذا وثق الأفراد بأنفسهم ، فالأمة كلها سوف تثق بنفسها وتمتلك القرار السياسي الذي يضعف بدوره فرص التدخل للقوى الخارجية في الشؤون الداخلية لشعبنا . لذا فإن الثقة العالية بالأمة هي مفتاح قوة الحركة الديمقراطية الأشورية وقاعدتها الأساسية التي ارتكزت عليها للوثبة الكبرى التي تمثلت بطريقة ادارة الصراع بين الصحيح والخطأ بين الخير والشر بين الوجود والعدم بين النقيض ونقيض النقيض ، وصولاً للنضال الى اسلوب الكفاح المسلح ( ربيع عام 1982 ) باتجاه قلب الواقع الكلدوأشوري السرياني المتخلف وتصحيح الممارسات السياسية وخلق مسار ثوري جديد لم يألفه واقعنا القومي والثقافي والأجتماعي والسياسي . لذا أصطفت معه جماهير الأمة منذ البداية واحتضنته القرى والجبال واعدة بالطموح الأتي الذي هو طموح الأنسان الصادق وطموح كل الشعب المتسلح بنظرية النضال من أجل الحرية ، ومن أجل إعادة بناء ركائز الأمة بطموح إيجابي بعد أن تسترجع من جديد سلوكها وتجاربها وثقافتها الصادقة مع الحياة ، وكانت الخطوة الأولى في هذا البناء تقوم على أسس مبدئية ، وعلى النحو التالي :

اولاً : انتزاع العمل القومي السياسي من براثن القوى البرجوازية التقليدية التي تعمل على خدمة لمصالحها ( الشخصية ، المذهبية ، العشائرية ، المناطقبة ) أو لمصالح الأخرين .

ثانياً : وضع القضية القومية في مسارها الصحيح بعد تسلحها بثقافة " الكفاح المسلح " وجعل الترابط الثوري الحي بين الوطنية والقومية طموح مركزي خدمة لهدف إستراتيجي ، هو بناء المجتمع الكلدوأشوري السرياني الوحدوي الذي هو المحرك الفاعل في مسار التطور للفكر القومي التحرري

لذا تعاظمت بين أبناء شعبنا حركة التنوير الفكري والنهوض الحضاري ، وارتفعت الراية البنفسجية وسط الجماهير ، وشهد واقعنا القومي مداً واسعاً وتوجهاً قومياً واعياً ، ربما كان لدى البعض مجرد تحرك عاطفي في حدود معينة ، بينما كان لدى الحركة الديمقراطية الأشورية هو التحرك الذي يقع في دائرة الفكر والوعي باللحظات المضيئة التي يكون وجودها إشعاعاً نحو المستقبل ، وأدى هذا النهج الى تتويج أول تجربة وحدوية في تاريخ الأمة الكلدوأشورية السريانية الحديث ونعني بها تجربة ( مؤتمر بغداد 2003 ) والتي اتسمت بثلاث سمات مترابطة :

السمة الأولى : النظر الى الأمة ككيان عضوي واحد مع الحرص على أجراء الموازنة بين الجوانب الروحية والمذهبية والقومية ، مع التأكيد على فهم وظائف تطور التاريخ وأدراك معانيه .

السمة الثانية : رفض مفهوم الصراع بين مكونات شعبنا وأمتنا ( طائفية ، مذهبية ، مناطقية ) لأن هذه المكونات هي قوة التاريخ ومع الحاضر يؤلفان الهوية القومية الحقيقية .

السمة الثالثة : تطور قضيتنا مرهون ب :
1 - وحدة الخطاب السياسي .
2 - تنسيق الجهود .
3 - استقلال القرار .

لقد شكلت تلك التجربة مرحلة متقدمة لبلورة فكر الحركة - زوعا وانطلاقه باتجاه إعادة هوية الأمة الحقيقية التي تشتتت نتيجة وجود عوامل الضعف في الواقع الكلدوأشوري السرياني ، التي تتجسد بالتخلف المعرفي وأشكالية في فهم الماضي وبروز " الأنا " في تحديد الهوية . لذا وكما كان متوقعاً، فقد أثارت هذه التجربة حفيظة القوى الرجعية والعنصرية ، فأصطفت بعض من المنظمات والمؤسسات السياسية التي شاركت في المؤتمر مع الأطراف السياسية الأخرى من خارج البيت القومي في موقف مشترك من أجل التصدي لهذا المولود الوحدوي الجديد ، والعمل على تسعير العداء الشديد ضده ، إدراكاً منهم بخطورة تنامي وتصاعد هذا النوع من العمل السياسي المنهجي الذي يرتكز على فهم ديالكتيكية فكر الحركة الديمقراطية الأشورية في تحديد الهدف الذي يسبق منطقياً تحديد حركة ومسار ذلك الهدف .

وتجاوزاً للنتيجة التي ألت اليه تلك التجربة الوحدوية الرائدة فأن المعنى الحقيقي والمصيري والنضالي لها يعكس :

1 - امتلاك قيادة الحركة وأعضاءها ومؤازريها وعياً فكرياً وممارسة تنظيمية متقدمة ، كشفت من خلاله عن المعدن الحقيقي لفكر الحركة - زوعا الوحدوي الإيجابي .

2 - قدرة الحركة على كشف عن دواخل الأنسان الكلدوأشوري السرياني من أجل تطويره وأغناءه ونقله الى الامام .

3 - الكشف عن مدى تأثير افكار ومبادىء الحركة الديمقراطية الأشورية على إشاعة الثقافة القومية الوحدوية بين أبناء شعبنا وأمتنا وقدرتها على نقل هذا النهج النظري الى الواقع العملي .

من كل ما سبق يبدو واضحاً أن تجربة ( مؤتمر بغداد 2003 ) الوحدوية ليست هي فقط دليلاً على حتمية الوحدة فحسب ، بل هي دليلاً على وعي وأرادة الأمة نحو الوحدة ، أو بوصفها فكر الحركة - زوعا الذي يشكل نقطة تحول من إنجاز الى إنجاز أكبر ،( فيما يسميه بعض المفكرين الماركسيين من تيار تروتسكي بالثورة المستمرة ) المتداخلة في الزمان والمكان والأخذة ببعدها الوطني إطاراً ومضموناً والمتوجهة بأتجاه القومي عمقاً وهدفاً وحدوياً .

وأذا اردنا الإنتقال من هذا الإطار الى إطار أشمل ، فأن تصورات الحركة الديمقراطية الأشورية في إعادة بناء الركائز الأساسية للأمة تمثل في منظورها العام ، الهدف المركزي في عملية النضال الأستراتيجي ، وذلك عبر الترابط الحي بين المهمات اليومية للمجتمع المدني والمهمات النضالية القومية ، وتوظيف الأنجاز الكلي لهذا الترابط في خدمة الطموح القومي ، وهذه هي المعادلة النموذجية التي تسعى الحركة الديمقراطية الأشورية لترسيخها وإشاعتها بين أبناء شعبنا وأمتنا من خلال قيادته لهذا المجتمع ، لأن المتتبع للوضع المعرفي السياسي ، لا يخطىء حين يؤشر وجود ( عند بعض السياسيين ، المثقفين ، المفكرين ) حرق لمراحل التطور التي يجب أن تمر بها المجتمعات نحو تحقيق اهدافها الأستراتيجية ، لأن هؤلاء قد اسقطوا من الحساب العامل المادي في التطور ونعني ( المنظمات والمؤسسات الأجتماعية ) التي تُعتبر من أهم ركائز لتقوية أركانة الأمة ، حيث أن في حراك هذه المنظمات والمؤسسات وشحنها بالأنتاج وتقويتها بالمبادرات الخلاقة ، ينضج منها فكر مضاف الى التطور الأجتماعي والوعي السياسي والنفسي ، لأنه لا يمكن بدون إنضاج مرحلة ، أن يتهيأ الأنسان من النواحي الفكرية والنضالية للأنتقال الى مرحلة أكثر تطوراً .

وقد أدركت الحركة - زوعا وفي وقت مبكر هذه المعادلة وبدأت بالتطبيق الأستقرائي على كل مرحلة من مراحل التطور ( لا حدود لمراحل التطور في فكر زوعا ) لأنها تقع ضمن المدركات المستمدة من " الخبرة " وهو المصطلح الثالث في فلسفة الحركة الديمقراطية الأشورية " الخبرة المجردة " حيث تقول ( إن الادراك والحواس والتجارب تُكون الذاكرة ، ومنها تتكون الأراء والأفكار ) . ولعل من المفيد الأشارة هنا ، الى أن الفرد عندما يريد الأستقراء لفكر ونهج الحركة الديمقراطية الأشورية ، يمكنه القول بأن الحركة أحرزت نجاحات ملموسة وكبيرة في عملية إعادة بناء ركائز الأمة بما ينسجم مع المنهج القومي التحرري الايجابي وعلى الشكل التالي :

اولاً : بناء وتشكيل ودعم المنظمات والمؤسسات المجتمع المدني وفي المقدمة منها : اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدوأشوري واتحاد النساء الأشوري والمراكز الثقافية والبحوث والدراسات والتطوير وحقوق الأنسان والجمعيات الخيرية التي عملت وتعمل على ارتباط الأنسان بأرضه .

ثانياً : تبنيه الأحتفال في الوطن بأعياد اكيتو رأس السنة البابلية الأشورية ، وأعادة احياء يوم الشهيد من كل عام .

ثالثاً : مشروع التعليم السرياني وبناء المدارس الذي يعد انجازاً تاريخياً بكل المقايس ليس للحركة فقط ، بل للأمة الكلدوأشورية السريانية جمعاء ، لأنه مشروع أستراتيجي بدأ بالفعل يعطي ثماره بعد نجاحه خلال الخمسة عشر سنة الماضية ، حيث سيشكل في المستقبل اسهاماً كبيراً في أغناء وتقوية وتعزيز اركان الأمة .

ويتبين من كل ما تقدم ، بأن الحركة الديمقراطية الأشورية استطاعت وضمن سياق نضالها الثوري لخلق أو تقوية مرتكزات الأمة أن تسقط من ذات الأنسان الكلدوأشوري السرياني :

1 - الأفكار العشائرية والمذهبية والمناطقية والأنعزالية .
2 - القلق الذي يبدّد أمن المستقبل .

وختاماً ، فقد استطاعت الحركة - زوعا بالفعل أن ترسي دعائم أكبر ممارسة فكرية ومنهجية تقوم على مبدأ التطبيق والأستعداد لتقديم التضحيات ، تقف اليوم بحزم وقدرة في الجبهة الأمامية ضد كافة المخططات التأمرية الرجعية المعادية لهذه الأمة ولقضاياها العادلة ، وقد عكست هذه الممارسة ايضاً مدى القدرة التي تمتلكها الحركة - زوعا على تحقيق التواؤم بين الفكر والتطبيق في بناء أمال وتطلعات شعبنا ، والخطوة الأولى نحوها تكمن في الوعي بالوجود القومي الوحدوي الإيجابي ، هذا الوعي الذي يشكل الحجر الأساسي في ديمومة البناء ، وكذلك هو مؤشر حاسم على نجاحات التطبيق لمنهج الحركة الديمقراطية الأشورية وتصوراته الفكرية والفلسفية لبناء الأنسان الكلدوأشوري السرياني الجديد

No comments: